الجمعة، 22 يوليو 2011

محطة جميلة "مُعقدة "



جامعة الملك خالد هي إحدى محطات حياتي التي توقفت بها لأربع سنوات
في تلك المحطة عانقتُ الشباب الحقيقي
تحديتُ التحدي
صافحتُ الطموح
عشتُ الحلم بالغد الجميل
تذوقتُ طعم النجاح الذي كان يمحو كل التعب ويأتي كالبلسم المداوي وكالشهد الزلال .
في تلك المحطة هذبتُ روحي وروضتُ نفسي التي كانت تودع المراهقة .
في تلك المحطة أزلتُ كل رواسب الماضي البائسة وحولتها لشمس مشرقة تبتسم لي كلما أحاطت بي الذكريات المؤلمة
في تلك المحطة رميتُ بكل النظريات التي تُساهم بنضجي وإلتزمت بتعاليم الإسلام الجميلة , تمسكتُ بالتسامح والجمال وتقبل الآخر والرقي بالذات والمجتمع .
في تلك المرحلة كرستُ كل وقتي للكبائر فلم يعد هناك مكان للصغائر وبذلك أيقنت أن هذه هي الطريقة الوحيدة لجعل كل الحياة مساحة للكبائر فقط.
في تلك المرحلة آمنت أن الحلم لن يأتي إلي ليتوجني ملكة بتاج زمردي لعرشه
فتعلمتُ كيف أضع ورقة بيضاء أمامي وأُشهد النجوم والقمر على المعاهدة التي أعقدها مع ذاتي الحالمة على تحقيق كل أحلامها , تخط أناملي في أعلى الورقة مربعات كل مربع يحتوي حلم وتحت كل مربع خط يحتوي مربعات أصغر مرقمة ,بداخل كل مربع " إجراء" أو "فعل" يقربني من ذاك الحلم .
في تلك المرحلة آمنت أن كل الأفكار تغدو أشياء ,لذلك لم يكن للافكار السيئة مكان في مخيلتي .
في تلك المحطة إخترعت عبقرية القراءة التي تنص على أن حفظ المعلومات الكثيرة ليس بمهم , المهم أن أستفيد من تلك المعلومات في بناء النفس الكبيرة والعقل الكبير , عبقرية القراءة أيضاً كانت تقوم على أنه لايوجد كتاب كل حروفه مسلم بها سوى القرآن الكريم وماعدا ذلك فهو قابل للأخذ والرد , عبقرية القراءة أيضاً كانت تضع لي مساحة واسعة أضع فيها الكتاب وكاتبه على طاولة الحوار وأناقش كل مافيه من أفكار و أطروحات من منطلق قناعاتي ومبادئي الخاصة .
في تلك المحطة غنيتُ للصداقة الحقيقية التي حملتني معها لمنابر النور في الدينا وكذلك أرجو أن تكون في الآخرة .
جامعة الملك خالد كما يبدو من تلك المقدمة كانت نقطة تحول في حياتي ومحطة جميلة علمتني الكثير
ولكنها بالنهاية كغيرها من محطات الحياة التي كما تستقبل أسراب الحمام تستقبل أسراب الغربان
في تلك المحطة كانت تتجلى البيروقراطية في كل التفاصيل, فالنقاش مرفوض وحرية التعبير مرفوضة تماماً وإحداث أي تغيير ولو كان إيجابي في الجامعة مرفوض وياليتها تقف على الرفض
في تلك المحطة كانت المكاتب مُغلقة والإجراءات معقدة جداً جدا ً جداً وكانت "جرة قلم " من مسؤولة في أمر منتهي تقتضي مراجعة المكتب عدة مرات وربما يمتد ذلك لأيام ولشهور ولا غير البيروقراطية سبب
التعامل مع الطالبة كان من فوق الأبراج العاجية النرجسية , بكل زهو وإستعلاء وإستخفاف كانت تُسمع حروف بعض المسؤولات هناك
" البريستيج" موضوع مهم كانت تُحافظ عليه المسؤولات في تلك المحطة ويبذلن من أجله الكثير ولو كانت الضحية بالنهاية الطالبة ووقتها .
" الزي" كان من أهم الموضوعات وربما أولى الإهتمامات التي كانت تشغل المسؤولات والموظفات , أُذكر جيداً حينما عُينت عميدة جديدة " لكليتي" , أمضت تلك العميدة طيلة فترة " تويلها للمنصب " ملاحقة الطالبات على الزي من مكان إلى مكان آخر وفي كل صباح كنا لانرى مايتغير من اللوائح سوى الخاصة بالزي .
سأختم بموقف طريف حدث لإحدى صديقاتي بحضوري " توجهت صديقتي إلى مكتب وكيلة العميدة لشؤون الطالبات لتوقيع مشهد تخفيض على الخطوط الجوية بعد أن حصلت عليه من شؤون الطالبات , وبعد طرق الباب والإستئذان بالدخول توجهت صديقتي نحو مكتب الوكيلة فنظرت إليها بكل غضب وإستعلاء " الوكيلة " وسألتها لماذا لم تتحدثي مع السكرتيرة أولاً ؟
علماً بأن "مكتب السكرتيرة لا يبعد عن مكتب الوكيلة سوى خطوة واحدة فقط في نفس الحجرة " , المهم أن صديقتي أعتذرت وقالت : أريد توقيع هذه الورقة , قالت لها : ضعي الورقة, قالت صديقتي: ولكنني أحتاجها , قالت : إتركيها هنا وإنصرفي, قالت صديقتي : ومتى أحصل عليها ؟ , قالت: بعد ثلاث أيام
وبعد الأيام المحددة عادت صديقتي والورقة على حالها فإستسلمت وسافرت بلا ذاك التخفيض .
لاتظن مطلقاً ياقاريء هذه الحروف بأن صديقتي لم تتضجر , بلا تضجرت من هذا وقالت بصوت يكاد يُسمع : أستاذه أحتاج الورقة وأنتي لم تتكرمي بتوقيعها بعد !!!
قالت الوكيلة : حتى تتعلمي مرة أخرى أخذ موعد من السكرتيرة !
وهنا أتى قرار صديقتي بالسفر بلا تلك الورقة وبلا ذاك التوقيع
ياترى ماالسبب وراء مايحصل في جامعتي سابقاً ؟!!!
أهي البيروقراطية ؟
أم أنها عدم القدرة على التعامل مع المنصب والكرسي ؟ وعدم القدرة على إستيعاب أن ذاك المسؤول أو الموظف ماوُجد إلا من أجل ولأجل الطالب .
أرجو من أعماقي اليوم أن يكون الوضع هناك أفضل مما كان عليه في وقتي " ولو أنها ليست بالفترة الطويلة الكافية لقلب الموازين ولكن لربما كافية لإحداث تغيير ولو كان بسيط .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق