الجمعة، 13 مايو 2011

مابين النزهة والكشتة علامة فارقة "







(1)
واحة خضراء مليئة بالورود الحمراء والصفراء والبيضاء التي تفوح عطراً في كل مكان وأشجار خضراء كبيرة تمتد ظلالها إلى مسافات , وفراشات ملونه تتراقص هنا وهناك بصحبة "النحلات" التي تجمع الرحيق من هنا وهناك ولتكتمل الصورة كان لابد من مشاركة العصافير بتغريدها في الأنحاء بالإضافة إلى البحيرة التي توسطت تلك الواحة بمياهها الصافية الزرقاء أو ربما جدول المياه المنساب برفق وصوت خريره الشجي الذي يصنع مع صوت العصافير سحراً , بوسط تلك الصورة الفاتنة يتوسط " البساط " والسلة التي تحوي المأكولات وأدوات الشي "
لا أعلم لماذا كانت تُسيطر تلك الصورة على مخيلتي وأنا صغيرة عندما تُذكر كلمة نزهة "
ربما لأنني من جيل "هايدي" الذي كان يُمتع ناظريه بتلك المشاهد يومياً ويحلق مع ذاك " الكرتون " إلى أفق وطبيعة يفتقدها في واقعه
(2)
في ذات الوقت الذي كانت كلمة نزهه ترسم لدي تلك الصورة , كانت لدينا كلمة مستخدمة هي المرادفة " رحلة " وفي رواية أخرى " كشتة "
بعد أن كُبر عقلي الصغير قليلاً بدأ يستوعب أن كلمة نزهه هي ذاتها رحلة أو كشتة " ولكن بإختلاف بسيط في مكونات الصورة
ففي الكشتة صحراء قاحلة " وجبال " " ورائحة الهيل الفواحة "" وشبة النار" واللون البني القاتم بدلاً من الأخضر و تكتمل الصورة بوجود "القرود السائبة بدلاً من العصافير وجدول المياه " في طبيعتنا الجنوبية على سبيل المثال
(3)
وبغض النظر هل كنا نستخدم الكشتة أو النزهة لنخرج من المنزل ولنجتمع و " لنغير جو "
الأهم أن سؤالاً لا يغادرني على الإطلاق
" لماذا نزهاتنا أو كشتاتنا نحن " السعوديين " بالذات لا تخلو من الطعام ؟!!! بل قائمة على الطعام بمعنى أفضل , فالطعام هو الشي الأساسي فيها
أول ما نبدأ تجهيزه الطعام ! , وإن لم نجهزه من المنزل فإن أول سؤال عند وصولنا لمكان النزهة " هو أين وماهي المطاعم المتوفرة في هذا المكان؟!!
هو أول مانتفق عليه عندما نتفق على نزهة .
(4)
لتتيقن أن كل ماذكر بالأعلى واقعي جداً "
تابع مسلسل نزهة سعودية من بدايته وحتى نهايته , فحتى السيارات لم تعد قادرة على حمل الطعام الذي نعده فقط لبقاء ساعتين في الخارج !!!
وأنظر عندما نصل للمكان المحدد " فأول ما يوضع في المكان هو الشاي والقهوة والأطعمة المتنوعة والتي تكفي لشهر !
ولا تنسى " النساء اللاتي يحملن يأيديهن " صواني الحلويات " وفي رواية " صنايا!
وتنحصر مهمتنا في تلك النزهة منذ بدايتها وحتى نهايتها بمقابلة ذاك الطعام وتقييمه " والأهم من ذلك العهد الذي قطعناه على أنفسنا قبل الحضور وهو القضاء على ذلك الطعام بأكمله وكأننا ننافس في مسابقة "
والأمر والأدهى " والمضحك المبكي" في تلك الصورة هو مايحدث في الحرم المكي على سبيل المثال " أصبحنا نميز بعضنا نحن السعوديين بالبساط وبكميات الطعام المهولة التي توضع في ساحة الحرم ويتم الإجتماع حولها !!
(5)
لماذا ترتبط نزهاتنا نحن السعوديين بالطعام ؟ بل لماذا تقوم على الطعام ؟
أهي ثقافة النزهة الخاطئة لدينا ؟
أهو ظن منا أن المتعة الوحيدة التي سنجدها هناك هي الطعام ؟
أم أنه إنعدام أماكن النزهة الحقيقية لدينا , أتصور لو كان لدينا أماكن توفر المتعة بشكل حقيقي وبرامج ممتلئة بالتجول والإكتشاف وبالتالي الإستمتاع لكان " الساندويتش والعصير على الماشي يكفي "
لكن مسكين هو المواطن السعودي الذي لا يجد المكان المناسب للنزهة فيفضل أن يقابل الطعام منذ خروجه وحتى عودته حتى لا يشعر بالفراغ وعدم الإستمتاع "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق